الدرس الرابع عشر
الاحتلال الفرنسي لتونس عام 1881 م
اسباب الاحتلال :
1- الاسباب البعيدة : وتعود الى الامور التالية :
1- اوضاع تونس قبيل الاحتلال : كانت تونس تابعة اسميا للدولة العثمانية ويحكمها فعليا حكام محليون حملوا لقب الباي و حاول بعضهم اصلاح البلاد
والنهضة بها ورافق ذلك اسراف وتبذير مما دفع بهم الى الديون من بعض الدول الاوروبية وفي مقدمتها فرنسا و انكلترا و ايطالية فبدا التدخل الاجنبي و كان من مظاهره فرض لجنة من هذه الدول لمراقبة مالية تونس و توحيد الديون وتامين وفائها كما حدث في عهد الخديوي اسماعيل بمصر
2- التنافس الاستعماري : كانت فرنسا ترغب في احتلال تونس لمجاورتها للجزائر و لكثرة خيراتها و اهمية موقعها على البحر المتوسط و كانت انكلترا قد ايدتها سرا في تحقيق هذه الرغبة و ذلك خلال عقد مؤتمر برلين عام 1878 مقابل اخذها لجزيرة قبرص و كانت ايطالية هي الدولة المنافسة القوية الراغبة باحتلال تونس لقربها منها متذرعة بمبررات جغرافية و تاريخية كما عملت على حصولها على امتيازات واسعة لمد السكك الحديدية و الاسلاك الهاتفية و استخراج معدن الرصاص لكن الظروف الدولية كانت مساعدة لفرنسا فقد ايدت المانية ( بسمارك ) فرنسا لابعادها عن فكرة الثار و الانتقام بعد هزيمتها في حرب السبعين و لتعويضها عن الالزاس و اللورين و للزج بها في منافسات استعمارية و بخاصة مع ايطالية
3- السبب القريب : و يعود الى ادعاء فرنسا بان قبيلة تونسية تجاوزت حدود الجزائر فقررت تاديبها
الاحتلال : دخلت حملة فرنسية الى تونس عام 1881 و توجهت الى العاصمة و حاصرت قصر الباي و اجبرته على توقيع معاهدة باردو و اهم بنودها
1- موافقة الباي على احتلال الفرنسيين للمراكز اللازمة لتوطيد الامن و يبقى الاحتلال الى ان تصبح الادارة المحلية قادرة على حفظ الامن
2- تتعهد فرنسا للباي بالمحافظة عليه و على عائلته من كل خطر
3- يتعهد الباي بعدم الاتفاق مع أي دولة الا بعد موافقة فرنسا
4- تشرف فرنسا على الشؤون الخارجية لتونس و تقوم برعاية مصالحها في الخارج
5- تشرف فرنسا على وضع نظام مالي يساعد على وفاء الديون
و بمجب هذه المعاهدة اصبحت تونس تحت الاحتلال الفرنسي و اعترفت لها بذلك جميع الدول عدا ايطالية و الدولة العثمانية و قد اشتعلت ثورة في القيروان امتدت الى بقية انحاء البلاد
فسارعت فرنسا الى اخمادها و اعقبت ذلك بفرض معاهدة اخرى هي معاهدة المرسى التي وقعها الباي مرغما عام 1883 و اكملت فرنسا بموجبها فرض سيطرتها على تونس فاضافت الى ما ورد في المعاهدة الاولى مايلي :
1- قبول تونس للاصلاحات الادارية و العدلية و المالية التي ترى فرنسا فائدة في ادخالها
2- اشراف فرنسا الكامل على الامور المالية في تونس بما في ذلك القروض
المقاومة الوطنية في تونس : و تمثلت بالحركات التالية :
ثورة القيروان : بدات هذه الثورة عقب توقيع معاهدة باردو عام 1881 و امتدت من القيروان الى صفاقص و جزيرة جربه و خليج قابس و قفصه و مما شجع على قيام هذه الثورة :
1- قيام ثورة بوعمامة في الجزائر
2- احساس التونسيين ان القوات العثمانية المرابطة في ليبية ستؤيدهم
و بذلت فرنسا جهودا جبارة و ارسلت قوات كبيرة لقمع هذه الثورة برا و بحرا و تحولت المقاومة بعدها الى مرحلة الكفاح السياسي
3- الكفاح السياسي : تمثل بتوعية الجماهير عن طريق المحاضرات و المنشورات و حركة الشباب التونسي و صحيفتها ( التونسي ) و قد شارك في ذلك عدد من الطلبة خريجي المعهد الصادقي الذين اتيحت لهم فرصة الدراسة في الخارج و منهم علي ابو شوشة صاحب جريدة الحاضرة اضافة الى خريجي جامع الزيتونة و من اشهرهم عبد العزيز الثعالبي الذي كان له دور كبير و نشاط واسع في حزب الفتاة الذي تاسس عام 1908 على يد المحامي علي باشا حمية
4- العودة الى الكفاح المسلح : تفجرت في تونس ثورة مسلحة عام 1911 نتيجة لنشاط حزب تونس الفتاة و تجاوبا مع جهاد ليبية ضد الغزو الايطالي و رافق ذلك اصطدامات بين ابناء تونس و الاوروبيين
و في عام 1912 ثار عمال الترام و اضربوا احتجاجا على تمييز العمال الاوروبيين عليهم بالاجور و تطورت الحوادث الى ثورة دعا خلالها علي باشا حمية الى مقاطعة المؤسسات التجارية الاوروبية و قد اخمدت فرنسا الثورة بالقوة و اغلقت الصحف الوطنية و نفت من البلاد باشا حمية و الثعالبي و مجموعة من زعماء حزب تونس الفتاة فاقاموا في الاستانة حيث اتصلوا فيها بمجموعة من قادة الفكر الوطنية في العالم العربي و الاسلامي
سياسة فرنسا في تونس :
1- الحكم و الادارة : بعد ان اعتبرت فرنسا الجزائر ارضا فرنسية عمدت الى اتباع سياسة الفرنسة وعينت على الجزائر حاكما مدنيا لتنفيذ هذه السياسة
2- الهجرة : شجعت فرنسا على هجرة الفرنسيين الى الجزائر الاوروبية بخاصة بعد خسارتها الالزاس واللورين في حرب السبعين كان يطلق على هؤلاء المهاجرين في الجزائر اسمالمعمرين او المستوطنين
3- السيطرة على الاراضي : اتبعت فرنسا كل وسياة لمصادرة اراضي الجزائريين الاوروبية اعطاؤها للمهاجرين الفرنسيين فصادرت اراضي الدولة الاوروبية اراضي الوقف الاوروبية كل ارض لا يملك صاحبها سندا بملكيتها كما صادرت اراضي الثوار
4- الناحية الاجتماعية
عملت فرنسا على اضعاف الروح العربية والاسلامية باضعاف تعليم اللغة العربية والتاريخ العربي وقد اخفقت هذه المحاولة بفضل جهود جامع الزيتونة وما يقوم به من دور ونشاط كبيرين في نشر الثقافة العربية والاسلامية كما عملت فرنسا على زيادة العناية بتعليم اللغة الفرنسية وتفضيل دارسيها .
_______________________________-
الدرس الخامس عشر
الاحتلال الفرنسي لمراكش ( 1 )
اولا – مراكش قبيل الاحتلال :بقيت مراكش ( المغرب ) محتفظة باستقلالها و هي القطر العربي الوحيد الذي بقي خارج نطاق الحكم العثماني و قاومت مراكش الغزو البرتغالي و الاسباني و كانت قد تسلمت حكمها الاسرة العلوية في القرن السابع عشر و قوي مركزها حتى انها نجحت بتحرير طنجة من الانكليز في عهد مولاي اسماعيل الذي حرر معظم موانئ المغرب من ايدي الغزاة الاوروبيين و لم يبقى منها بيد الاسبان الا ميناء سبتة و ميناء مليلة
اشتد التنافس بين الدول الاوروبية على نيل الامتيازات و عقد الاتفاقيات لتامين سلامة سفنها و تجارتها فنالت انكلترا بموجب معاهدة 1856 امتيازات قضائية و اقتصادية منها الغاء القيود المفروضة على التجارة البريطانية ثم حصلت فرنسا على امتيازات مماثلة
حكم المغرب في اواخر القرن التاسع عشر سلطان مصلح هو الحسن بن محمد ( 1873 – 1894 ) و حاول النهوض ببلاده و اصلاح الادارة و الجيش و خلفه ابنه عبد العزيز الذي تابع سياسة ابيه لكنه لكثرة اسرافه تورط بالديون التي اقترضها من المصارف الفرنسية بفوائد فاحشة و كثرت المشاكل الداخلية و قويت المعارضة ضده
الخطط الفرنسية للاستيلاء على مراكش : كانت معظم الدول الاستعمارية تطمع باحتلال المغرب لاهمية موقعه و كثرة خيراته فسعت فرنسا الى ارضاء هذه الدول لتنفرد باحتلاله و ذلك بعقدها اتفاقات و معاهات مع هذه الدول لتتبادل المصالح معها فاتفقت مع :
1- ايطالية : حيث عقدت معها معاهدة سرية عام 1902 كسبت بموجبها تاييدها و صداقتها مقابل اطلاق يدها في ليبية
2- انكلترا : حيث عقدت معها الاتفاق الودي عام 1904 فاطلقت بموجبه يدها في مصر مقابل اطلاق يد فرنسا في مراكش
3- اسبانية : تم التفاهم معها بعد مفاوضات طويلة منذ عام 1902 فوقعت اتفاقية عام 1904 تضمن القسم السري فيها تقسيم مراكش بين فرنسا و اسبانية و تحديد المنطقة المخصصة لاسبانية التي تشمل منطقة الريف في شمال مراكش و منطقة افني في الجنوب الغربي منها بينما تطلق يد فرنسا في بقية انحاء مراكش
4- اما المانية : فقد ازدادت علاقاتها التجارية مع مراكش و بخاصة في عهد الامبراطور غليوم الثاني الذي قويت علاقاته الودية مع سلطان مراكش للوقوف بوجه الدول الطامعة ببلاده و كان غليوم الثاني يشجع السلطان عبد العزيز على رفض المطالب الفرنسية المتعلقة باجراء اصلاحات في المالية و الجيش
و قام غليوم الثاني بزيارة الى طنجة عام 1905 و القى خطابا اكد فيه على استقلال مراكش و سيادة السلطان التامة في بلاده و دعا الى فتح ابواب مراكش امام التجارة الحرة لجميع الدول و اكد على حماية المصالح الالمانية كما اعلنت المانية عن تاييدها لدعوة ساطان مراكش في عقد مؤتمر دولي لبحث المسالة المراكشية و قد تم عقد هذا المؤتمر الذي عرف باسم :
ثالثا مؤتمر الجزيرة الخضراء عام 1906 : خرجت الدول من هذا المؤتمر بالمقررات التالية :
1- احترام سيادة السلطان و سلامة اراضيه
2- اقرار الحرية الاقتصادية لجميع الدول في المغرب و ضمان المساواة التامة بينها
3- جعل جمارك المغرب تحت رقابة دولية لضمان مبدا المساواة بين الدول في الاستيراد و التصدير
4- انشاء قوة امن وطنية في المغرب تحت اشراف ضباط من فرنسا و اسبانية برئاسة مفتش سويسري
5- تاسيس مصرف في المغرب تسلهم الدول فيه
كانت المغرب هي الضحية الخاسرة من وراء هذا المؤتمر و كان له رد فعل عنيف في الاوساط الشعبية الوطنية فقد كان مظهرا واضحا للتدخل الاجنبي و الاطماع الاستعمارية في المغرب
رابعا – الاحتلال :
احتلت القوات الفرنسية عدد من الدن المغربية و منها الدار البيضاء بين عامي 1907 – 1908 بحجة توطيد الامن و انعقد مؤتمروطني في مدينة مراكش اعلن خلع السلطان عبد العزيز لقبوله بمقرارات الجزيرة و مبايعة اخيه عبد الحفيظ سلطانا على مراكش و ايد علماء جامعة القرويين في فاس هذا الاجراء و تنازل عبد العزيز رسميا عن العرش عام 1908 و تحول عبد الحفيظ بحكم الظروف الى اداة جديدة تخضع لرغبان الفرنسيين و اعلن عن قبوله لمقررات مؤتمر الجزيرة و تخليه عن فكرة الجهاد ظنا منه انه يحفظ عرشه بدعم فرنسا و اسبانية له امام غضب شعبه و اظهر نشاطا في محاولات القضاء على الثورات الداخلية التي اشتعلت في كثير من المناطق في سنتي 1910 و 1911 حتى ان الثوار هددوا العاصمة فاس و تدفقت القوات الفرنسية لاحتلال المراكز المهمة مثل الدار البيضاء و الرباط ثم دخلت مدينة فاس معلنة ان احتلالها هو الاحتلال مؤقت و وجدت اسبانية الفرصة سانحة للتوغل في احتلال المنطقة المخصصة لها في الريف
أسئلة الدرس 15
1- كيف ضمنت فرنسا كل من إسبانيا و إيطاليا على نفوذها في مراكش ؟
ذلك بعقدها اتفاقات
1- ايطالية : حيث عقدت معها معاهدة سرية عام 1902 كسبت بموجبها تاييدها و صداقتها مقابل اطلاق يدها في ليبية
2- اسبانية : تم التفاهم معها بعد مفاوضات طويلة منذ عام 1902 فوقعت اتفاقية عام 1904 تضمن القسم السري فيها تقسيم مراكش بين فرنسا و اسبانية و تحديد المنطقة المخصصة لاسبانية التي تشمل منطقة الريف في شمال مراكش و منطقة افني في الجنوب الغربي منها بينما تطلق يد فرنسا في بقية انحاء مراكش
2- ما هي مقررات مؤتمر الجزيرة الخضراء عام 1906 م ؟
1- احترام سيادة السلطان و سلامة اراضيه
2- اقرار الحرية الاقتصادية لجميع الدول في المغرب و ضمان المساواة التامة بينها
3- جعل جمارك المغرب تحت رقابة دولية لضمان مبدا المساواة بين الدول في الاستيراد و التصدير
4- انشاء قوة امن وطنية في المغرب تحت اشراف ضباط من فرنسا و اسبانية برئاسة مفتش سويسري
5- تاسيس مصرف في المغرب تسلهم الدول فيه
الرئيسية
لتحميل الصور والملفات
دردشة المنتدى
