الدرس الثامن عشر
الأطماع الاستعمارية في بلاد الشام و العراق
تنافست الدول الاستعمارية في النصف الثاني من القرن التاسع عشر حول اقتسام مناطق اطماعها في الدولة العثمانية الضعيفة ( الرجل الضعيف ) و كانت في مقدمة الدول المتنافسة : فرنسا و انكلترا و المانية
اولا – التنافس الفرنسي الانكليزي على بلاد الشام :
عدت فرنسا بلاد الشام منطقة نفوذ لها حيث اعادت علاقاتها بها الى فترة تاريخية بعيدة أي الى عهد الخليفة هارون الرشيد و معاصره شارلمان ثم ازدادت اطماعها و قوي نفوذها فيها خلال حملات الحروب الصليبية ثم نالت من الدولة العثمانية مجموعة من الامتيازات التجارية عام 1535 ثم نالت حق حماية الكاثوليك عام 1604 و ظهر التنافس الفرنسي الانكليزي بشكل قوي خلال حملة نابليون على مصر و سوريا بين عام 1798 – 1801 و ازداد التنافس بينهما اثناء توسع محمد علي في بلاد الشام و دعم فرنسا له و معارضة انكلترا لتوسعه و كما كان التنافس في المجال السياسي كذلك ظهر في مجال الثقافة و نشاط البعثات التبشيرية و كان من نتائج هذا التنافس :
حوادث لبنان بين عامي 1845 – 1860 :
1- اسبابها :
اتخذت كل دولة من الدول الاستعمارية الطامعة طائفة من الطوائف في لبنان ركيزة تعتمد عليها و تحرضها و تدعمها فكانت روسية تعتمد على الارثوذكس و تعتمد فرنسا على الكاثوليك بينما حاولت انكلترا الاعتماد على الدروز كذلك حرض السلطان العثماني الفلاحين على زعمائهم من الاقطاعيين لاضعاف مكانتهم و فرض نفوذه عليهم
2- حوادثها : نتيجة التنافس و التحريض و الدعم حدثت فتن طائفية في لبنان استمرت حوادثها الدامية بين عامي 1845 – 1860 ثم انتقلت هذه الفتن و ارسلت حملة عسكرية في عهد نابليون الثالث لحماية المسيحيين و تدخلت انكلترا وتم الاتفاق ان تكون تلك الحملة باسم اوروبة و لفترة لاتزيد على ستة اشهر
و نتج عن ذلك ازدياد النفوذ الفرنسي في لبنان و ظهر على شكل مدارس و بعثات تبشيرية و مستشفيات و مشروعات لبناء الموانئ و مد السكك الحديدية و غيرها كما جاءت الى بيروت لجنة دولية درست الوضع ووضعت لجبل لبنان نظاما اداريا يتضمن جعله متصرفية مرتبطة بالباب العالي مباشرة و مركزها بعبدا
و قد اعترفت الدول الاوروبية و الدولة العثمانية لفرنسا في تسوية عام 1913 بان تكون بلاد الشام منطقة نفوذ لها لكن الحرب العالمية الاولى اطاحت بهذه التسوية و كشفت عن اطماع فرنسا بشكل اوضح بما تم من اتفاقات بينها و بين انكلترا كانت سوريا و لبنان في نهاية المطاف من نصيبها
ثانيا – الاطماع الانكليزية في العراق :
بدا اهتمام انكلترا بالعراق منذ اهتمامها بمستعمراتها في الهند لكون العراق يشكل جزءا من الطريق الى الهند بدا نفوذها فيه بوساطة شركة الهند الشرقية البريطانية في مطلع القرن السابع عشر و كان لها وكيل في البصرة ثم اصبح هذا الوكيل بمنزلة قنصل بعد خوف انكلترا من النفوذ الفرنسي خلال الحملة الفرنسية على مصر ثم عينت انكلترا قنصلا اخر في بغداد و نائب قنصل في الموصل و اعتمدت انكلترا على طريق العراق لنقل بريدها الى الهند و خشيت انكلترا من امتداد النفوذ الروسي في شمال ايران فعملت على تقوية مركزها في العراق عن طريق مشروع لدراسة صلاحية الفرات للملاحة بوساطة الضابط ( تشسني ) و امكانية وصل الفرات بنهر العاصي لايجاد ( ممر مائي يصل بين المتوسط و الخليج العربي )
ثم عمدت الى تاسيس ( شركة لنتش ) للملاحة في دجلة و الفرات و شط العرب ثم فكرت بمد خط حديدي يصل بين احد موانئ بلاد الشام و الخليج العربي ثم تخلت عن هذا المشروع مكتفية بقناة السويس
عملت انكلترا للتسلل الى العراق ايضا عن طريق البعثات الاثرية و مشروعات الري و مد خطوط البرق و اشتدت في حربها للمشروع الالماني المتمثل بامتياز سكة حديد بغداد – هامبورغ و قابلته بتقوية قبضتها على امارات الخليج العربي ( قطر و الساحل المهادن و البحرين و اخيرا الكويت ) كما تقاربت مع فرنسا في الاتفاق الودي عام 1904 مع روسية فتشكل الاتفاق الثلاثي عام 1907 لمحاربة النفوذ الالماني و نالت انكلترا في تسوية دولية الحق بامتياز لمد الخط الحديدي بين بغداد و البصرة كما نالت بموجب التسوية الدولية عام 1913 اعتراف الدول بان يكون العراق منطقة نفوذ لها ثم استغلت قيام الحرب العالمية الاولى عام 1914 فسارعت الى تحقيق اطماعها باحتلال العراق و انتزاعه من الدولة العثمانية و جاءت اتفاقاتها مع فرنسا في اقتسام المنطقة لتؤكد على ذلك فكان العراق في تلك الاتفاقات من نصيبها
ثالثا – الاطماع الالمانية في الدولة العثمانية :
نمت الصناعة الالمانية و اتسعت تجارتها و عظمت قوتها بعد قيام الاتحاد الالماني عقب حرب السبعين عام 1870 فشعرت بحاجتها الى المستعمرات لتامين المواد الاولية و اسواق لتصريف منتوجاتها فتقاربت مع الدولة العثمانية
عوامل التقارب الالماني العثماني :
1- استياء السلطان العثماني من بقية الدول الاوروبية الطامعة باملاكه
2- اعجاب السلطان العثماني بقوة المانية العسكرية و الصناعية و العلمية و حاجته الى دعم المانية له في وجه الطامعين بتجزئة سلطنته
مظاهر التقارب الالماني العثماني :
1- استقدام بعثة عسكرية المانية لتدريب الجيش العثماني
2-زيارة الامبراطور غليوم الثاني للاستانة و دمشق و القدس
3- حصول المانية على امتيازمشروع سكة حديد بغداد بين هامبورغ و البصرة
4- تاسيس مصارف و توظيف رؤوس الاموال الالمانية في الدولة العثمانية و كذلك نشاط خطوط الملاحة
5- تشجيع المانية للسلطان على تنفيذ مشروع الخط الحديدي الحجازي بين دمشق و المدينة المنورة عام 1908
و قد عارضت انكلترا مشروع سكة حديد بغداد لانه يهدد مصالحها على طريق الهند كما عارضت مشروع الخط الحديدي الحجازي لانه يهدد ايضا مصالحها في البحر الاحمر و هو ايضا يشكل جزءا من الطريق الى الهند
18
الاطماع الاستعمارية في بلاد الشام و العراق
تنافست الدول الاستعمارية في النصف الثاني من القرن التاسع عشر حول اقتسام مناطق اطماعها في الدولة العثمانية الضعيفة ( الرجل الضعيف ) و كانت في مقدمة الدول المتنافسة : فرنسا و انكلترا و المانية
اولا – التنافس الفرنسي الانكليزي على بلاد الشام :
عدت فرنسا بلاد الشام منطقة نفوذ لها حيث اعادت علاقاتها بها الى فترة تاريخية بعيدة أي الى عهد الخليفة هارون الرشيد و معاصره شارلمان ثم ازدادت اطماعها و قوي نفوذها فيها خلال حملات الحروب الصليبية ثم نالت من الدولة العثمانية مجموعة من الامتيازات التجارية عام 1535 ثم نالت حق حماية الكاثوليك عام 1604 و ظهر التنافس الفرنسي الانكليزي بشكل قوي خلال حملة نابليون على مصر و سوريا بين عام 1798 – 1801 و ازداد التنافس بينهما اثناء توسع محمد علي في بلاد الشام و دعم فرنسا له و معارضة انكلترا لتوسعه و كما كان التنافس في المجال السياسي كذلك ظهر في مجال الثقافة و نشاط البعثات التبشيرية و كان من نتائج هذا التنافس :
حوادث لبنان بين عامي 1845 – 1860 :
3- اسبابها :
اتخذت كل دولة من الدول الاستعمارية الطامعة طائفة من الطوائف في لبنان ركيزة تعتمد عليها و تحرضها و تدعمها فكانت روسية تعتمد على الارثوذكس و تعتمد فرنسا على الكاثوليك بينما حاولت انكلترا الاعتماد على الدروز كذلك حرض السلطان العثماني الفلاحين على زعمائهم من الاقطاعيين لاضعاف مكانتهم و فرض نفوذه عليهم
4- حوادثها : نتيجة التنافس و التحريض و الدعم حدثت فتن طائفية في لبنان استمرت حوادثها الدامية بين عامي 1845 – 1860 ثم انتقلت هذه الفتن و ارسلت حملة عسكرية في عهد نابليون الثالث لحماية المسيحيين و تدخلت انكلترا وتم الاتفاق ان تكون تلك الحملة باسم اوروبة و لفترة لاتزيد على ستة اشهر
و نتج عن ذلك ازدياد النفوذ الفرنسي في لبنان و ظهر على شكل مدارس و بعثات تبشيرية و مستشفيات و مشروعات لبناء الموانئ و مد السكك الحديدية و غيرها كما جاءت الى بيروت لجنة دولية درست الوضع ووضعت لجبل لبنان نظاما اداريا يتضمن جعله متصرفية مرتبطة بالباب العالي مباشرة و مركزها بعبدا
و قد اعترفت الدول الاوروبية و الدولة العثمانية لفرنسا في تسوية عام 1913 بان تكون بلاد الشام منطقة نفوذ لها لكن الحرب العالمية الاولى اطاحت بهذه التسوية و كشفت عن اطماع فرنسا بشكل اوضح بما تم من اتفاقات بينها و بين انكلترا كانت سوريا و لبنان في نهاية المطاف من نصيبها
ثانيا – الاطماع الانكليزية في العراق :
بدا اهتمام انكلترا بالعراق منذ اهتمامها بمستعمراتها في الهند لكون العراق يشكل جزءا من الطريق الى الهند بدا نفوذها فيه بوساطة شركة الهند الشرقية البريطانية في مطلع القرن السابع عشر و كان لها وكيل في البصرة ثم اصبح هذا الوكيل بمنزلة قنصل بعد خوف انكلترا من النفوذ الفرنسي خلال الحملة الفرنسية على مصر ثم عينت انكلترا قنصلا اخر في بغداد و نائب قنصل في الموصل و اعتمدت انكلترا على طريق العراق لنقل بريدها الى الهند و خشيت انكلترا من امتداد النفوذ الروسي في شمال ايران فعملت على تقوية مركزها في العراق عن طريق مشروع لدراسة صلاحية الفرات للملاحة بوساطة الضابط ( تشسني ) و امكانية وصل الفرات بنهر العاصي لايجاد ( ممر مائي يصل بين المتوسط و الخليج العربي )
ثم عمدت الى تاسيس ( شركة لنتش ) للملاحة في دجلة و الفرات و شط العرب ثم فكرت بمد خط حديدي يصل بين احد موانئ بلاد الشام و الخليج العربي ثم تخلت عن هذا المشروع مكتفية بقناة السويس
عملت انكلترا للتسلل الى العراق ايضا عن طريق البعثات الاثرية و مشروعات الري و مد خطوط البرق و اشتدت في حربها للمشروع الالماني المتمثل بامتياز سكة حديد بغداد – هامبورغ و قابلته بتقوية قبضتها على امارات الخليج العربي ( قطر و الساحل المهادن و البحرين و اخيرا الكويت ) كما تقاربت مع فرنسا في الاتفاق الودي عام 1904 مع روسية فتشكل الاتفاق الثلاثي عام 1907 لمحاربة النفوذ الالماني و نالت انكلترا في تسوية دولية الحق بامتياز لمد الخط الحديدي بين بغداد و البصرة كما نالت بموجب التسوية الدولية عام 1913 اعتراف الدول بان يكون العراق منطقة نفوذ لها ثم استغلت قيام الحرب العالمية الاولى عام 1914 فسارعت الى تحقيق اطماعها باحتلال العراق و انتزاعه من الدولة العثمانية و جاءت اتفاقاتها مع فرنسا في اقتسام المنطقة لتؤكد على ذلك فكان العراق في تلك الاتفاقات من نصيبها
ثالثا – الاطماع الالمانية في الدولة العثمانية :
نمت الصناعة الالمانية و اتسعت تجارتها و عظمت قوتها بعد قيام الاتحاد الالماني عقب حرب السبعين عام 1870 فشعرت بحاجتها الى المستعمرات لتامين المواد الاولية و اسواق لتصريف منتوجاتها فتقاربت مع الدولة العثمانية
عوامل التقارب الالماني العثماني :
6- استياء السلطان العثماني من بقية الدول الاوروبية الطامعة باملاكه
7- اعجاب السلطان العثماني بقوة المانية العسكرية و الصناعية و العلمية و حاجته الى دعم المانية له في وجه الطامعين بتجزئة سلطنته
مظاهر التقارب الالماني العثماني :
1- استقدام بعثة عسكرية المانية لتدريب الجيش العثماني
2-زيارة الامبراطور غليوم الثاني للاستانة و دمشق و القدس
8- حصول المانية على امتيازمشروع سكة حديد بغداد بين هامبورغ و البصرة
9- تاسيس مصارف و توظيف رؤوس الاموال الالمانية في الدولة العثمانية و كذلك نشاط خطوط الملاحة
10- تشجيع المانية للسلطان على تنفيذ مشروع الخط الحديدي الحجازي بين دمشق و المدينة المنورة عام 1908
و قد عارضت انكلترا مشروع سكة حديد بغداد لانه يهدد مصالحها على طريق الهند كما عارضت مشروع الخط الحديدي الحجازي لانه يهدد ايضا مصالحها في البحر الاحمر و هو ايضا يشكل جزءا من الطريق الى الهند
أسئلة الدرس 18
1- لماذا كان التنافس الدولي من أسباب حوادث لبنان بين عامي 1845 – 1860 م ؟
عدت فرنسا بلاد الشام منطقة نفوذ لها حيث اعادت علاقاتها بها الى فترة تاريخية بعيدة أي الى عهد الخليفة هارون الرشيد و معاصره شارلمان ثم ازدادت اطماعها و قوي نفوذها فيها خلال حملات الحروب الصليبية ثم نالت من الدولة العثمانية مجموعة من الامتيازات التجارية عام 1535 ثم نالت حق حماية الكاثوليك عام 1604 و ظهر التنافس الفرنسي الانكليزي بشكل قوي خلال حملة نابليون على مصر و سوريا بين عام 1798 – 1801 و ازداد التنافس بينهما اثناء توسع محمد علي في بلاد الشام و دعم فرنسا له و معارضة انكلترا لتوسعه و كما كان التنافس في المجال السياسي كذلك ظهر في مجال الثقافة و نشاط البعثات التبشيرية
2- كيف ردت إنكلترا على خوفها من امتداد النفوذ الروسي في شمال إيران ؟
فعملت على تقوية مركزها في العراق عن طريق مشروع لدراسة صلاحية الفرات للملاحة بوساطة الضابط ( تشسني ) و امكانية وصل الفرات بنهر العاصي لايجاد ( ممر مائي يصل بين المتوسط و الخليج العربي )
ثم عمدت الى تاسيس ( شركة لنتش ) للملاحة في دجلة و الفرات و شط العرب ثم فكرت بمد خط حديدي يصل بين احد موانئ بلاد الشام و الخليج العربي ثم تخلت عن هذا المشروع مكتفية بقناة السويس
3- كيف سويت الأزمة بين إنكلترا و ألمانيا حول مد الخط الحديدي بين برلين – الكويت ؟
نالت انكلترا في تسوية دولية الحق بامتياز لمد الخط الحديدي بين بغداد و البصرة كما نالت بموجب التسوية الدولية عام 1913 اعتراف الدول بان يكون العراق منطقة نفوذ لها ثم استغلت قيام الحرب العالمية الاولى عام 1914 فسارعت الى تحقيق اطماعها باحتلال العراق و انتزاعه من الدولة العثمانية
4- ما عوامل التقارب الألماني العثماني ؟
1- استياء السلطان العثماني من بقية الدول الاوروبية الطامعة باملاكه
2- اعجاب السلطان العثماني بقوة المانية العسكرية و الصناعية و العلمية و حاجته الى دعم المانية له في وجه الطامعين بتجزئة سلطنته