من قصص ِ الموتِ
ذكرَ الشيخ علي الطنطاوي في سماعاتهِ ومشاهداتهِ : أنـَّهُ كانَ بأرضِ الشام رجلٌ لهُ سيارة" لوري" ، فركب معهُ رجلٌ في ظهرِ السيارة ، وكان في ظهرِ السيارة ، نعشٌ مهيّأ للأموات ، وعلى هذا النعش شراعٌ لوقتِ الحاجة ، فأمطرتِ السماء وسالَ الماءُ فقامَ هذا الرجلُ فدخلَ في النعش وتغطّى بالشراع ، وركبَ آخر فصعدَ في ظهرِ الشاحنة بجانبِ النعش ، ولا يعلمُ أنَّ بالنعشِ أحداً ، واستمرَّ نزولُ الغيثِ، وهذا الرجلُ الراكبُ الثاني يظنّ أنّه وحدهُ في ظهرِ الشاحنة ، وفجأة يُخرجُ هذا الرجلُ يدهُ من النعش، ليرى : هل كفّ الغيثُ أم لا ؟ ولما أخرجَ يدهُ اخذ يلوحُ بها، فأخذَ هذا الراكبُ الثاني الهلعُ والجزعُ والخوفُ، وظنَّ أن هذا الميّت قد عادَ حيّاً، فنسي نفسهُ وسقطَ من السيّارة ، فوقع على أمَِ رأسهِ فمات.
وهكذا كتبَ اللهُ أن يكون أجلُ هذا بهذهِ الطريقة . وأن يكون الموتُ بهذهِ الوسيلة .
كلُّ شيئ بقضاء وقدرْ . . والمنايا عبرٌ أيَ عبرْ
وعلى العبدِ دائماً أن يتذكّر أنهُ يحملُ الموتَ ، وأنّهُ يسعى إلى الموت، وأنّهُ ينتظرُ الموت صباحَ مساءَ، وما أحسنَ الكلمة الرائقة الرائعة التي قالها عليّ بن أبي طالب ـ رضي الله عنه ـ وهو يقول:"إنَ الآخرة قد ارتحلت مقبلة، وإنّ الدنيا قد ارتحلت مدبرة, فكونوا من أبناء الآخرة، ولا تكونوا من أبناء الدنيا، فإنَ اليوم عملٌ ولا حساب، وغداً حسابٌ ولا عمل " .
إنَّ الموت لا يستأذنُ على أحد ، ولا يجابي أحد، ولا يجامل، وليس للموتِ إنذارٌ مبكّر يُخبر بهِ الناس،((وما تدري نفسٌ ماذا تكسبُ غداً وما تدري نفسٌ بأيِّ أرضٍ تموتُ)).صدق الله العظيم .